الفصل الأول القانون والدستور
لعلك تعلم أن القانون هو الذي ينظم حياة الأفراد اليوم، ولكن هل سألت نفسك كيف كانت تُنَظَّم العلاقات بين الأفراد قديمًا ؟ وهل كان هناك قانون ينظمها؟ وهل هذا القانون هو نفسه الذي كان موجودًا في عصور سابقة ؟ تعال لنرى ..
العلاقة بين الأخلاق والقانون والدستور من الشكل التالي
والآن هيا معًا نتعرف مفهوم الأخلاق والقانون والدستور.
أولاً: الأخلاق
تعريفها هي نتاج تفاعل الفرد بالمجتمع هى مُثل نقدرها حق قدرها، ونود امتلاكها ونسعى إلى تحقيقها بوصفها خيرًا، مثل : الإحسان إلى الفقراء، ومساعدة الضعفاء والمحتاجين ، والإيثار، والصدق والإخلاص في القول والعمل، والوفاء بالعهد، وشهادة الحق، والبر بالوالدين، وصلة الأرحام، وأداء الأمانات، والتسامح .. إلخ. وتحريم القتل، والسرقة، والغش، والغيبة والنميمة . . . إلخ
السؤال الذى يطرح نفسه .... هل الأخلاق تكفى لإقامة العدل بين أفراد المجتمع؟
على الرغم من أن الأخلاق تُعد عنصرًا أساسيًا من عناصر وجود المجتمع وبقائه، إلا أنه لا يستطيع أي مجتمع أن يبقى أو يستمر دون أن تحكمه مجموعة من القواعد التي تنظم علاقات أفراده بعضهم البعض، لذا كان من الضروري البحث عن معيار يحقق العدالة الاجتماعية بين الناس، وهو القانون.
ثانيًا: القانون
لقد قامت عديد من الحضارات منذ فجر التاريخ بصياغة القوانين، لتنظيم العلاقة بين أفراد شعبها
· الحضارة المصرية القديمة : لقد قام المصريون القدماء بوضع قانون ماعت والذى تضمن ٤٢ مادة، كان جوهره الفضيلة وقد أكدت الوثائق التاريخية على احترام الملوك لقانون ماعت حيث كانت سلطة الملك مقيدة بالقانون واحترامه فلم يكن يستطيع أن يقوم بأي عمل أو يدين شخصًا أو يعاقب آخر لمجرد نزعة شخصية أو بغرض الانتقام لأي دافع آخر لا يتفق وروح العدالة ماعت
· الحضارة البابلية القديمة: فقد وضع البابليون قوانين "حمورابى" وهى مجموعة من القوانين والتشريعات، تميزت بشموليتها لمجالات الحياة المختلفة وتكاملها، وقد تضمنت قوانين خاصة بالمرأة، والطفل، والعبيد، والسرقة، والممتلكات ، والزراعة، وكانت عقوبات انتهاك هذه القوانين مُلزمة لا تقبل أعذارًا.
1 :مفهوم القانون: يُقْصَد به مجموعة قواعد أو أحكام عامة مجردة مكتوبة، تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، وهي مُلْزِمَة ومقترنة بجزاء توقعه السلطة العامة على من يخالفها مثل: (مخالفة السرعة المقررة - السير في الاتجاه المعاكس- السرقة بالإكراه .....إلخ).
2 : خصائص القوانين: تتسم القوانين بعدة خصائص :
أ عامة ومجردة
1-عامة: حيث تطبق على جميع الأشخاص، والوقائع إذا توافرت فيها الشروط.
2-مجردة: حيث إنها لا تشرَّع من أجل أن تطبق على شخص أو مجموعة أشخاص دون غيرهم، أو تُسَن من أجل أن تُطَبق على واقعة بعينها دون أخرى. مثال: القاعدة القانونية تقول: .( كل من ألحق ضررًا بالغير فعليه تعويضه )
ب تنظيمسلوك الأفراد فيالمجتمع
إنها تحكم السلوك الخارجي للإنسان، فهي لا تهتم إلا بالمظهر الخارجي من أفعال أو أقوال
أو أنشطة. مثال : الكراهية لا يعاقب عليها القانون. لكن إذا تجسدت الكراهية بالضرب؛ يعاقب عليها القانون.
ج ملزمة ومقترنة بالجزاء
ملزمة : حيث تقتي التزام المواطن بالقوانين والتقيد بأحكامها ، وأداة القوانين في تحقيق هذا الالتزام هو الجزاء.
الجزاء : هو الأثر الرادع الذى توقعه السلطة العامة على كل من يخالف القانون، ومن أهم خصائصه أنه مادى محسوس، ويُطَبق في الحال، والسلطة العامة وحدها هي المنوطة بتطبيقه.
3-مصادر القانون وهي :
أ-العرف : وهو اعتياد الناس علي سلوك معين في احد نواحي حياتهم الاجتماعية بحيث يصبح قاعدة ملزمة يتعرض من يخالفها للجزاء وهو اول مصدر رسمي للقانون ظهر في تاريخ المجتمع البشري
ب-التشريع : وهو عملية وضع القواعد القانونية في صورة مكتوبه بواسطة السلطة المختصة بذلك في الدولة (البرلمان ) ولذلك فهو عرف بطريقة غير مباشرة
جـ- مبادئ الشريعة الاسلامية : هي المبادئ العامة الملم بها في جميع مذاهب الفقه الاسلامي وهي تمثل الاصول الكلية للشريعة الاسلامية وهي تطبق علي المسلمين وغيرهم الا في الاحوال الشخصية ملحوظة لكن بعد استعمار الدول العربية تم ادخال القوانين الغربية للدول العربية واصبحت الشريعة الاسلامية غير مطبقة على اصولها باستثناء بعض الدول مثل السعودية واليمن وايران والسودان
د- مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة : وهي مجموعة القواعد الثابتة التي لا تتغير بتغير الزمان او المكان ويمكن للعقل السليم استنتاجها والاحاطة بها وهي مثل اجتهاد القاضي واستخدام عقله وضميره في ملابسات قضية ما غامضة
س: هل للقانون فروع ؟
نعم فهما نوعان :
1-القانون العام : وهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبارها صاحبة السلطة العامة والسيادة في المجتمع وتتمثل فروعه في ( دولي – اداري –مالي – جنائي – دستوري )
2-القانون الخاص : وهو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين الافراد او بينهم وبين الدولة باعتبارها شخصا عاديا وتتمثل فروعه في ( المدني – العمل – التجاري )
ثالثًا: العلاقةبين قواعد القانون ومبادئ الأخلاق وتعاليم الدين
س : هل هناك علاقة بين قواعد القانون ومبادئ الأخلاق وتعاليم الدين ؟
إن معظم قواعد القانون مستمدة فى الأصل من المبادئ الأخلاقية والتعاليم الدينية ، ومع ارتقاء المجتمعات البشرية تحَولت بعض هذه المبادئ إلى قواعد قانونية مصحوبة بجزاءات تكفل لها الإلزام
1- قواعد القانون :
· لا تتعلق بالنوايا والمقاصد الباطنية؛ طالما ظلت حبيسة النفس البشرية ولم تقترن بسلوك مادي خارجي .
· تهتم بعلاقة الإنسان بغيره من أفراد المجتمع.
· لها غاية نفعية تتمثل في حفظ الأمن والنظام وكفالة الاستقرار في المجتمع.
· مُلزمة تحمل الأفراد على الانصياع لها جرًا، ومقترنة بالجزاء المادى.
2-مبادئ الاخلاق :
· تهتم بالمقاصد والنوايا التي ينطوي عليها ضمير الإنسان.
· تنظم نوعين من العلاقات: علاقة الإنسان بنفسه، وعلاقته بغيره من أفراد المجتمع.
· لها غاية مثالية تتمثل في الارتقاء بالإنسان والوصول به إلى الكمال.
· تقتصر على الجزاء المعنوي، الذي يتمثل في تأنيب الضمير، أو رفض المجتمع للفرد الخارج عنها.
3-تعاليم الدين :
· تسمو بالإنسان إلى الكمال والرفعة وتحقيق سلو ك مثالي.
· تشمل واجب الفرد نحو نفسه وغيره ونحو خالقه.
· مرنة فهي قواعد تتوافق مع كل زمان ومكان.
· الجزاء يتمثل في عقاب الإنسان في الدنيا والحياة الآخرة.
ر ابعًا : الدستور:
مع ظهور الدولة المدنية الحديثة ظهرت فكرة الدساتير لتحقيق التوازن بين السلطات في الدولة )السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية(، وتنظيم العلاقة بين هذه السلطات الثلاث بما يحول دون طغيان سلطة على أخرى.
١- مفهوم الدستور : هو مجموعة القواعد الأساسية التي تحدد شكل الدولة وترسم قواعد الحكم فيها، وتضع الضمانات الأساسية لحقوق الأفراد، وتنظم سلطاتها العامة مع بيان اختصاصات هذه السلطات.
٢- أنواع الدساتير : تتنوع الدساتير من حيث تدوينها أو عدم تدوينها ، ومن حيث طريقة تعديلها ..
أ- من حيث تدوينها
· غير مدونة هى قواعد عرفية استمر العمل بها لفترات طويلة حتى أصبحت بمثابة قوانين مُلزمة، وأبرز مثال على ذلك الدستور الإنجليزى .
· مدونة هى القواعد الدستورية التى تم تسجيلها في وثيقة رسمية صدرت من السلطة المختصة وفقًا للإجراءات التى تعتمدها ويعد الدستور الأمريكي أول الدساتير العصرية المدونة.
ب- من حيث طرق تعديلها
· مرنة هى التى يتم تعديلها بنفس الإجراءات التى يتم بها تعديل القوانين العادية، وأبرز مثال الدستور الإنجليزى.
· جامدة هى التى يستلزم تعديلها إجراءات أشد تعقيدًا من تلك التى تم بها تعديل القوانين العادية، وأبرز مثال على ذلك دستور استراليا الفيدرالى
٣- أساليب نشأة الدساتير:
أ-طرق ديمقراطية
· أسلوب الجمعية النيابية التأسيسية حيث يقوم الشعب، بانتخاب ممثلين لإعداد الدستور نيابة عنه )الجمعية التأسيسية(ويصبح الدستور نافذًا فور إقرار الصيغة النهائية له ، مثل الدستور السوري ١950 م
· أسلوب الاستفتاء الدستورى هو دستور يتم عن طريق جمعية تأسيسية أو لجنة فنية تتكفل بإعداده، ولا يصبح هذا الدستور نافذًا إلا إذا تم عرضه على استفتاء شعبى، وتم الموافقة عليه. مثل الدستور المصرى ١97١ م، وعام ٢٠١٤ م
ب- طرق غير ديمقراطية
· أسلوب التعاقد هى دساتير تتم باتفاق بين إرادتين: الحاكم والمحكومين، وهو اعتراف من الحاكم بمشاركة الشعب فى السيادة. وأبرز مثال الدستور العراقى ١925 م.
· أسلوب المنحة هى دساتير يضعها الحاكم دون مشاركة الشعب مثل الدستور الفرنسي 1814 م.
٤-التعديل الدستورى:
ويمر تعديل الدستور بعدة مراحل هى:
أ. مرحلة اقتراح التعديل . ب. مرحلة الموافقة على التعديل .
ج. مرحلة إعداد التعديل . د. مرحلة الإقرار النهائى للتعديل .
خامسًا: الدستور المصرى ٢٠١٤ م
ارتبط التطور الدستوري في مصر عر مراحله المختلفة بكفاح الشعب المصري من أجل الاستقلال والتحرر، ويعد أول دستور حقيقي للبلاد صدر في عام 1923 م وبمقتضى أحكام هذا الدستور انعقد أول برلمان مصري في العصر الحديث عام 1924م، وقد شهدت البلاد كثيرًا من التطورات السياسية التي أدت إلى تطور الدستور حتى صدر الدستور الدائم في 1971 م ، والذي تم تعديله بموجب قرار مجلس الشعب الصادر فى 1980 م، ثم تم تعديله بعد ثورة 25 يناير ٢٠١١ م، وبعد ثورة 3٠ يونيو 2013 م صدر دستور مصر الجديد ٢٠١٤ م. صدر هذا الدستور بموجب الاستفتاء الذى أجرى فى عام ٢٠١٤ م وتشتمل وثيقة الدستور المصري على ستة أبواب ، و247 مادة
الباب الأول: الدولة من المادة ( 1-6) / الباب الثانى : المقومات الأساسية للمجتمع من المادة (7-50) / الباب الثالث: : الحقوق والحريات والواجبات العامة من المادة (51 -93) /الباب الرابع : سيادة القانون من المادة (94 – 100) /الباب الخامس : نظامالحكم من المادة ) 101- 221) / الباب السادس: الأحكام العامة والانتقالية من المادة(222-247)
سادسًا: المحكمة الدستورية العليا
تعد جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ويكون لها موازنة مستقلة وتقوم الجمعية العامة للمحكمة على شئونها، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المتعلقة بشئون المحكمة.
١- تشكيل المحكمة الدستورية : تُؤَلف المحكمة- كماورد بالدستور- منرئيس وعدد كاف من نواب الرئيس، وتؤلف هيئة المفوضين بالمحكمة من رئيس، وعدد كاف من الرؤساء بالهيئة، والمستشارين والمستشارين المساعدين. وتختارهم الجمعية العامة ويصدربتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية،
٢- اختصاصات المحكمة الدستورية :
أ- الرقابة القضائية على دستورية القوانن واللوائح
ب- تفسير النصوص التشريعية التي تثير خلافًا في التطبيق
ت- الفصل في تنازع الاختصاص بن جهات القضاء والهيئات ذات الاختصاص القضائي
ث- الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمن نهائين متنا قضن
سابعًا: أهمية الدستور والقانون:
نتوصل ما سبق أن الدستور والقانون ها حجر الزاوية فى بناء الدولة ويتضح ذلك فيا يلى:
1. تحقيق الأمن والنظام فى المجتمع.
2. تحقيق العدل والمساواة بين الأفراد.
3. استقرار المجتمع وبقائه .
4. . تقدم المجتمع وارتقاؤه .
ليست هناك تعليقات :